صدمة في الوسط الفني بعد وفاة نجم الكوميديا بون هاي مين إثر سقوطه من الطابق الثامن في باريس
توفي الفنان الكوميدي الفرنسي بون هاي مين (Bun Hay Mean)، المعروف بلقبه الشهير “الصيني المضحك” (Le Chinois Marrant)، يوم الخميس 10 يوليو، عن عمر يناهز 43 عامًا، إثر سقوط مأساوي من الطابق الثامن في أحد مباني العاصمة الفرنسية باريس، حسبما أكد مصدر من وكالة BFMTV، نقلاً عن وكيله السابق ومصدر في صحيفة Le Parisien.
وقال منتجه فيليب ديلماس في بيان رسمي:
“بأسى لا يوصف، نعلن وفاة صديقنا وفناننا الكبير. ما حدث مأساة حقيقية.”
وبحسب التفاصيل الأولية، كان بون يحاول استرجاع هاتفه المحمول الذي سقط في مزراب شرفة شقته، عندما انزلق وسقط من علو كبير، ما أدى إلى وفاته على الفور. النيابة العامة في باريس فتحت تحقيقًا رسميًا لمعرفة أسباب الوفاة الدقيقة.

من بدايات صعبة إلى قمة الكوميديا الفرنسية
ولد بون هاي مين لأب كمبودي وأم صينية، ونشأ في ضواحي بوردو جنوب غرب فرنسا. والده ووالدته كانا من اللاجئين السياسيين الذين فرّوا من نظام الخمير الحمر في سبعينيات القرن الماضي، واستقروا في فرنسا عام 1977.
منذ مراهقته، أحب بون عالم الستاند أب كوميدي، وتلقى دروسًا في الارتجال، وبدأ بكتابة عروض قصيرة قدمها في مقاهي بوردو. اللحظة المفصلية في حياته جاءت عندما شارك في أمسية “سلام” بدعوة من صديقة له، حيث شعر، كما وصف لاحقًا، بـ”الانكشاف” و”التحرر”.
لإرضاء والديه، حصل على شهادة في علوم الكمبيوتر وبدأ العمل في هذا المجال، لكنه قرر في سن 24 أن يترك كل شيء ليتفرغ للكوميديا في باريس. إلا أن البداية كانت صعبة للغاية، حيث عاش لفترة في الشوارع، وتحدث عن أول عرض له قائلاً:
“جمعت فقط 1.17 يورو، واضطررت لطلب 30 سنتيمًا إضافية من المنظم كي أستطيع العودة إلى المنزل بالمترو.”
“الصيني المضحك”: النجاح الذي انطلق من الكفاح
استمر بون في تقديم عروضه في المسارح الصغيرة في باريس، إلى أن تم اكتشافه من قبل ألان ديغوا، مؤسس فرقة Théâtre Déclic، التي خرج منها نجوم مثل جمال دبوز. وكان اللقاء بجمال دبوز نقطة تحوّل، حيث دعاه للانضمام إلى Jamel Comedy Club عام 2014، وهناك بدأت انطلاقته الحقيقية.
أطلق أول عرض له بعنوان “Le Chinois Marrant”، وهو الاسم الذي التصق به منذ ذلك الحين، حيث اشتهر بأسلوبه الساخر الجريء في الحديث عن العنصرية والهوية والانتماء الثقافي، خاصة من منظور المهاجرين الآسيويين في فرنسا.
في مقابلة مع صحيفة Le Monde عام 2014، قال:
“المسرح له تأثير علاجي. لقد ساعدني على مواجهة الجروح والصمت الذي كنت أحمله.”
نجاح سينمائي وجولات فنية دولية
بعد نجاح عرضه الأول، أطلق بون عروضًا جديدة، وجال بها أهم المسارح الفرنسية. كما شارك في العديد من الأعمال السينمائية، من أبرزها:
- أستريكس وأوبليكس: إمبراطورية الوسط (2023) من إخراج غيوم كانيه
- Les Méchants من إخراج مولود عاشور (2021)
- Les Chèvres مع داني بون (2024)
- Problemos للمخرج إريك جودور (2017)
وكان من المقرر أن يُقدم عرضه الجديد بعنوان “Kill Bun” يوم الجمعة 11 يوليو في مونتريال – كندا، ضمن جولة فنية دولية تبدأ في سبتمبر.
نهاية مأساوية لفنان ملهم
رغم نجاحه، لم تكن حياة بون هاي مين خالية من الصعوبات، حيث تعرض سابقًا لأزمات صحية أجبرته على التوقف المؤقت خلال جولة عرض ثالث. ومع ذلك، ظل حريصًا على تقديم فن جريء يعكس واقع المهاجرين والتنوع الثقافي في فرنسا.
بوفاته المفاجئة، فقدت الساحة الفنية الفرنسية أحد أبرز نجوم الكوميديا المستقلة، والذي ألهم جيلاً كاملًا من الفنانين الشباب.